الفجر الكاذب
الإثنين, 20-يونيو-2011
محسن العطاس
رجح محللون سياسيون أن الثورات العربية الشبابية التي شهدتها تونس ومصر وتشهدها الآن ليبيا وسوريا واليمن أشبه بالفجر الكاذب، ورغم تمكن ثورات الشباب في تونس ومصر من إسقاط الأنظمة إلا أن ذلك الإجراء لم يغير شيئاً على خريطة الواقع، فالأوضاع ما زالت كما هي، بل صارت أكثر سوءاً وتدهوراً على مختلف الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية، وبات المواطنون يشكون من فرط تدهور الحالة الأمنية والأوضاع المعيشية.
وإذا ما دققنا النظر في ما يحدث باليمن سنجد بوناً شاسعاً في تداعيات هذه الثورة المزعومة، فقد مضت شهور عدة دون أن يتوصل الشباب إلى مبتغاهم، ومرد ذلك التعثر دخول أحزاب وقوى قبلية وعسكرية على الخط مع الشباب في ثورتهم، الأمر الذي أفقد الثورة وهجها وأفرغها من محتواها، ولا نبالغ في قولنا إن الثورة الشبابية شهدت تخبطاً في البداية، لأنها لم تقم عن قناعة تامة وإنما جاءت تأثراً بما حدث في تونس ومصر، مما دفع الشباب إلى محاكاتهما في كل شيء دون وعي وإدراك بخصوصية كل مجتمع، ومع ذلك فقد استمرت هذه الثورة في تخبطها العشوائي غير المدروس حتى بلغت من العمر ما يقارب نصف عام، ثم تكللت وهي بهذا العمر بعبث ما أنزل الله به من سلطان!!.
وما آلت إليه ثورة الشباب في اليمن يمكن أن نعزوه إلى غياب الفكر الحي النشط والفاعل عنها منذ البداية، وبالتالي فإن غياب الرؤية قد حوَّلها إلى مجرد شخبطة عبثية على جدار الحرية، ولهذا نجزم كل الجزم أنها بهذا الديدن الهزيل ليست سوى “ثورة كاذبة” مثل “الفجر الكاذب”، وأخوف ما نخافه أن تقودنا إلى الفوضى والمجاعة والحرب الأهلية.
نعم.. نحن نخشى أن تكون الحرب الأهلية هي المصير المحتوم في آخرها، والكل يعرف - للأسف - أن التحاق جزء كبير من مكوناتها لم يكن من أجل التغيير إلى الأفضل، ولكن من أجل الانتقام أو التشفي أو تحقيق مصالح آنية ضيقة.
ونعود إلى القول مرة أخرى بأن غياب الفكر والشخصية الكاريزمية التي تقود الثورة الشبابية في بلد تتنازعه مراكز قوى لا حصر لها انحرف باعتصامات الشباب وجعل من الثورة مجرد أداة لتحقيق مصالح ضيقة على حساب مصلحة الوطن العليا.
ومن المضحك أن بعض القيادات الشبابية في ساحات التغيير عاكفة على توثيق مذكرات وذكريات عن هذه الثورة (ذي) ما لقينا لها طرف ولم تر النور بعد.. بسبب عراقيل اعترضت طريقها..
يا جماعة ثقوا أن الثورة لم ولن تنجح طالما شهوة الانتقام أقوى من رغبة التسامح والعمل..