ظلال 21-06-2011
بقلم/
د/محمد النهاري
نشر منذ: 14 ساعة و 4 دقائق
الثلاثاء 21 يونيو-حزيران 2011 12:08 ص
لهذه الأزمة التي يمر بها اليمن فوائد أيضاً، فالعاقل يفيد من الكوارث عن طريق العبرة وأخذ الدروس. لقد أفاد الشعب من الذي حدث أيما فائدة.. فإن الشعب نظر إلى الأمن والأمان على أنه أكبر نعمة من المولى سبحانه وتعالى، وأن الخوف شيء مزعج ونقمة قبيحة، كما أن الشعب نظر في المسألة الوطنية فرأى يقيناً أن بعض الناس لاينتمي لهذه الوطنية إلا من باب الدجل والمزايدة والأنانية الحقيرة والمصالح الرخيصة وأن بعض الذين يتظاهرون بأنهم أهل قيم ومروءة ورجولة ليسوا إلا حفنة من قطاع الطرق والمرتزقة والكذابين .. واتضح للشعب أن بعض الذين يتظاهرون بالنزاهة والشرف ليسوا سوى صغار من الذين استعبدتهم الأهواء والشهوات الرخيصة..
وأهم شيء أثارته هذه الأحداث على الإطلاق هو الفهم المنقوص لمنظومة القيم ، سلباً وإيجاباً ، فالشرف أصبح عند بعضهم دناءة والبطولة إرهاباً ونهباً وقطع طريق وإخافة الآمنين والآمر بالمعروف رجساً من عمل الشيطان والنهي عن المنكر سيد الشرور، كشفت الأحداث عورات الانتهازيين الذين يقاولون على كل شيء ويبيعون كل شيء بما في ذلك المصلحة العليا للوطن الذي حبه فريضة سماوية والدفاع عنه واجب مقدس.
في مجالس النقاش لهذه الأزمة ، تنكر كثير من الناس لقيم محترمة كانوا يؤمنون بها، ولمفهومات أمضوا سنوات من أعمارهم للدفاع عنها، جدلاً وحواراً وموقفاً، وأصبح هؤلاء وقد تغيروا تغيراً صادماً، مما يجعلك وأنت تسمع وترى هذه المواقف المتقلبة تشعر بالذهول.
إن الشيء الأكثر إزعاجاً يصل حد القبح هو أن الحلال عند بعض هؤلاء أصبح حراماً والحرام أصبح حلالاً بدافع –طبعاً – من الانتهازية المقيتة .
أفاد شعبنا بأنه يشعر أن الكهرباء نعمة كبرى ، كان عليه أن يقوم بترشيدها وعدم الإسراف في إشعالها كيفما اتفق، وكذلك الغاز والبترول والديزل والمياه ، ولعل شعبنا قد أفاد ماهو أخطر واكبر ، يتمثل ذلك في ضرورة الانضباط وأن تسليم أمورنا إلى الفوضى على مختلف أشكالها أمر يزعزع المجتمع ويدخله في دوامة من الرعب والرهب والخوف .
إن المجتمع يبدو كما لو كانت حركته قد شلت وأصبح غير قادر على الحركة، ولو استمر المجتمع على هذا النحو من العجز فإن الفوضى ستطال الجميع، فلا بد من مواجهة الأشرار والحفاظ على حقوق الدولة والمواطنين بكل شجاعة دون وجل أو رعب.
هذه الأحداث تكشف عن المعدن الأصيل لكل الخيرين من أبناء الأمة الأبرار .