[center]
حب الوطن في الإسلام لا يعني العصبية ولا التفرقة أو الخلاف إنما يعني التآخي والتراحم والتلاحم وصدق الانتماء
هناك وسائل تربوية ودينية كثيرة لغرس حب الوطن في نفوس الناشئة
لقد اهتم الاسلام بالوطن وحب الوطن حتى انزله منزلة سامية تصل الى درجة العقيدة بأن حب الوطن من الايمان, وحب الوطن يعني الكثير الكثير من معاني الوفاء والمحبة والترابط والتآخي والولاء وتتسع دائرة حب الوطن لتشمل الامة والبشرية كلها... هذه لقطات حول هذا الموضوع الهام, مشيرين الى ضرورة غرس حب الوطن في نفوس الناشئة بطرق تربوية ودينية كثيرة.
حقيقة هذا الحب وأبعاده
حب الوطن غريزة متأصلة في النفوس, تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه, ويحن إليه إذا غاب عنه, ويدافع عنه إذا هوجِم, ويغضب له إذا انتُقص او حدث بين ابنائه خلاف.
وحتى يتحقق حب الوطن عند الإنسان لابُد من تحقق صدق الانتماء إلى الدين أولاً, ثم الوطن ثانياً, إذ أن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحُث الإنسان على حب الوطن, ولعل خير دليلٍ على ذلك ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه, فقد روي عن عبدالله بن عباسٍ »رضي الله عنهما« أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكة :"ما أطيبكِ من بلد, وأحبَكِ إليَ, ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ" - »رواه الترمذي«.
وقد دعا الإسلامُ إلى فِعل كلِ ما يُقوِي الروابطَ والصلات بين أبناء الوطن الواحد, ثم بين أبناء الأُمَة, ثم بين بني الإنسان.
ومما يتجلى فيه حبُ الأوطان: صلة الأرحام, فهم عترة الإنسان وخاصَتُه, وهم قرابته وأنسه, وبهم تطيب الإقامة في الديار, لذلك جعل الله صلةَ الأرحام من أعظم القُرُبات, وقطيعتَهم قرينَ الإفساد في الأرض.
وينتقل الإحسانُ إلى دائرة أخرى من الدوائر التي تحيط بالإنسان, وهي دائرة الجوار, وهل تطيب الإقامةُ في الدار إن عدا عليك فيها جارٌ? لذا جعل الإسلام الإحسانَ إلى الجوار مِن كمال الإيمان.
وتتَسع الدائرة لتشمل الإحسان إلى كل مسلم, قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَ لأخيه ما يحبُه لنفسه".
وتتسع الدائرة لتشمل الإحسانَ إلى أهل الأديان الأخرى, وهم شركاؤنا في الوطن, وجاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ألا مَن ظَلَمَ مُعَاهدًا, أَوِ انْتَقَصَهُ, أَوْ كَلَفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ, أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ - فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ).
وتبلغ دائرة الإحسان مداها, لتشمل الحيوان, والنبات, والحجر, وكلَ شيء: قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله كَتَبَ الإحسان على كل شيء). فإذا تحقَق الترابط بين أبناء الوطن الواحد, كان الجو مهيَأً للبناء والازدهار.
- حب الوطن في الإسلام: هو محبة الفرد لوطنه وبلده, وتقوية الرابطة بين أبناء الوطن الواحد, وقيامه بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام, ووفاؤه بها.
وحب الوطن في الإسلام: لا يعني العصبيةَ, التي يُراد بها الشقاق والعصيان ولا يعني التفرقة والكراهية والخلاف, انما يعني التآخي والتراحم والوفاء, ولا يقتصر حب الوطن على الارض التي يعيش عليها الانسان انما يمتد ليشمل القطر الخاص أولاً, ثم يمتد إلى الأقطار الإسلامية الأخرى.
فأينما ذكر اسم الله في بلدٍ... عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
إن المسلم يحب وطنه, ويعمل كل خير لبلده, ويتفانى في خدمته, ويضحي للدفاع عنه.
كيف نغرسه في الناشئة?
هناك وسائل تربوية ودينية كثيرة لغرس أصدق معاني حب الوطن في نفوس الناشئة... منها ما يأتي:
1- تربية الإنسان على استشعار ما للوطن من أفضال سابقة ولاحقة عليه - بعد فضل الله سبحانه وتعالى - منذ نعومة أظفاره, ومن ثم تربيته على رد الجميل, ومجازاة الإحسان بالإحسان ولا سيما أن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحث على ذلك وترشد إليه كما في قوله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) »سورة الرحمن«/ .60
2 - الحرص على مد جسور المحبة والمودة مع أبناء الوطن في أي مكان منه لإيجاد جو من التآلف والتآخي والتآزر بين أعضائه الذين يمثلون في مجموعهم جسدًا واحدًا متماسكًا في مواجهة الظروف المختلفة.
3 - غرس حب الانتماء الإيجابي للوطن, وبيان كيفيته المثلى من خلال مختلف المؤسسات التربوية في المجتمع كالبيت, والمدرسة, والمسجد, والنادي, ومكان العمل, وعبر وسائل الإعلام المختلفة مقروءة كانت أو مسموعة أو مرئية.
4 - تربية أبناء الوطن على تقدير خيرات الوطن ومعطياته والمحافظة على مرافقه ومكتسباته التي من حق الجميع أن ينعم بها وأن يتمتع بحظه منها كاملاً غير منقوص.
5 - التصدي لكل أمر يترتب عليه الإخلال بأمن وسلامة الوطن, والعمل على رد ذلك بمختلف الوسائل والإمكانات الممكنة والمتاحة.
6- التعرف على تاريخ الوطن وجغرافيته ورموزه ورجاله.
-7 وفي الختام نقول يإيجاز شديد:
- بلادي هواها في لساني وفي دمي... يمجدها قلبي ويدعو لها فمي
- اللهم احفظ بلاد المسلمين آمنة مطمئنة, والحمد لله رب العالمين.[/center
المصدر السياسة