الإرباك (الارتباك) سيد الموقف واللحظة يمنياً، من الرئاسة التوافقية الى الحكومة الوفاقية.. إلى لجنة العسكر ولجنة الحوار.. إلى جبهات المواجهة المتحفزة مع القاعدة في مجاهيل أبين.. إلى خفايا المؤتمر الشعبي وكواليس اللقاء المشترك.. إلى كوابيس الأحزمة الناسفة والأمعاء الخاوية.. إلى.. وإلى مالا نهاية. واليمن لا تعرف طبيعة الخطوة القادمة: كيف؟ ومتى؟ وإلى أين؟
حالة جمعية من الغياب عن الوعي باللحظة الراهنة، والتي تليها تمضغ قلوب اليمنيين وتلوك حياتهم، ولسوء الحظ يحدث أن رئيس اليمنيين يلزم الصمت المزعج فيما يواصل تقبُّل برقيات التهاني والتبريكات (بحلول الشهر الكريم!) وفي منزله العائلي يستقبل سفير الشقيقة الكبرى (المملكة) وموفد الشقيقة الأخرى (إيران) ويتسلم دعوة لحضور قمة المسلمين في مكة وأخرى لحضور قمة المسالمين (عدم الانحياز) في طهران. في هذه الظروف (المواتية تماماً لاختطاف المشهد ودور البطولة) يحدث أن رئيس الإصلاحيين يخرج عن صمته الأزلي معلناً: "نحن هنا"! في محاكاة (حلال) لأنموذج رئيس المصريين الذي اعتلى عرش الهرم محمولا على أكتاف ثوار الميدان "فبأي آلاء ربكما تكذبان".
بين محمد مرسي في القاهرة ومحمد اليدومي في صنعاء رئاستان ومرشد، ميدان وساحة، و"الإخوان" إخوة، تعهدت الجماعة في مصر بالقضاء على البطالة خلال عامين عبر رافعة برنامج "النهضة"، وفي اليمن مرشد الجماعة الروحي كان سخياً وتعهد بالقضاء على الفقر نهائياً عبر رافعة إكسير غامض "من الكتاب والسنة" ولم يؤقت بعامين، ولكن اليدومي تعهد بالقضاء على "بقايا النظام السابق" متوعداً: "في أقرب وقت ممكن سيتم الانتهاء منها"!!
الرئيس هادي لن يرى في كلام مرسي/عفواً اليدومي ما يخدش حياء التسوية ويهتك شرف الوفاق والتوافق رئاسة وحكومة. والرئاسة لن تجرح صومها وصمتها بتعقيب الحريص على سير التسوية باتجاه الحوار توضح فيه ما إذا كانت سلطات القرار والقيادة العليا هي بيد رئيس اليمنيين أم بيد رئيس الإصلاحيين الذي أزبد وأرعد وتوعَّد أقواماً بالنار وأوعد إخواناً بجنة عرضها الرئاسة والحكومة وبيت المال؟! الإرباك لا يرحم.. غموض وتوجُّس.. ولسان العامة يلهج بالنداء ولكلٍ ما نوى: "يا هادي"!